spot_img

أفكار حول لاهوت الجسد بحسب یوحنا بولس الثاني

«لأَنَّ هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا، أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، لاَ فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَالأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ» (1 تس 4: 3-5).

كل من ينظر بقصد الشهوة

السمة المميزة للمسيحيين، من بين سمات أخرى، هي القدرة على السيطرة على أجسادهم «بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، لاَ فِي هَوَى شَهْوَةٍ» (1 تس 4: 3). شدد البابا يوحنا بولس الثاني في تعاليمه الشهيرة حول لاهوت الجسد على أن الشهوة قد أخذت طريقها إلى قلب الإنسان عندما نقض العهد الذي أبرمه مع الله. فالوصيتان السادسة والتاسعة كانتا مفهومتين بشكل خاطئ من قبل اليهود، وقد استعاد يسوع معناهما الصحيحين في العظة على الجبل: «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ» (مت 5: 27-28). ويلاحظ يوحنا بولس الثاني أن كلمات يسوع لديها «طابع معياري» وتنطبق على جميع البشر. فإنها تكشف عن كيفية مراعاة الوصيتين السادسة والتاسعة بشكل صحيح. نحن هنا نتعامل مع ما يسميه يوحنا بولس الثاني «روح الأخلاق الإنسانية (…)، التي تحقق لنا معنى الوجود الإنساني»، بمعنى اكتشاف القيمة الكبيرة التي نجنيها بالحفاظ على الوصايا الإلهية، ذلك، «بالتدقيق في أغوار القاعدة نفسها واختراق لنواة الإنسان الباطنية، موضوع الفعل الأخلاقي». الزنا هو فعل «يشترك فيه الرجل والمرأة فيما يتعارض مع قانون حصرية الزواج» (التعليم المسيحي، 16 نيسان/أبريل 1980).

عندما يقوم الرجل أو المرأة في الانخراط في المعاشرة بدون زواج، فإنها يرتكبان خطيئة الزنا. وعندما ينظر الرجل «إلى امرأة ليشتهيها» وهذه المرأة ليست زوجته ويرغب في الالتصاق بها حتى «يَكُونَانِ جَسَداً وَاحِداً» (تك 2: 34)، فقد ارتكب الزنا معها في قلبه. وعلى الرغم من أن المسيح يوجه كلامه (مت 5: 27-28) للرجال، فمن الواضح أن عبء هذه الكلمات يقع أيضا على النساء. على الجانب الآخر، يذكرنا يوحنا بولس الثاني بأن رغبة الرجل لمثل هذا الاتحاد مع زوجته لا يشكل زنا «في قلب» (التعليم المسيحي، 30 نيسان/أبريل 1980).

لماذا تولد الشهوة في قلب الإنسان من وقت إلى آخر؟

يشير يوحنا بولس الثاني، بحسب تعاليم الكتاب المقدّس، على ثلاثة أنواع من الشهوة: «لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ» (1 يو 2: 16-18). تفسير هذه الآيات أصل الشهوة الثلاثة. تأتي شهوة الجسد ومعها شهوة العيون وتعظم المعيشة كثمرة أول عصيان لله (راجع تك 2: 17)، بنقض الإنسان في قلبه للعهد الذي أبرمه مع الله. لأن الرجل والمرأة نقضا عمدا عهدهم مع الله، فأصبح العالم الذي يعيشون فيه «مكاناً للشهوة وكذلك، مصدراً الشهوة». منذ اللحظة التي ارتكبت فيها الخطيئة الأولى، أصبح من كل من الرجل والمرأة – موضوع شهوة الرجل – أهل «شهوة». بمخالفة لإرادة الخالق، قطفوا من ثمار «شجرة معرفة الخير والشر»، توقفوا عن تصديق الرَّبّ أن الخطيئة أعظم مصيبة للإنسان، وأنها تجلب معها الموت. عند ارتكاب الخطيئة الأصلية، صدق الإنسان ما قاله الشرير: «لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». يؤكد يوحنا بولس الثاني: «تُشكّك في قلبك أعمق معنى للعطاء، من خلال التشكيك في الحب كدافع حقيقي للخلق والعهد الأول (راجع تك 3: 5)، فيتحول الإنسان عن الإله المحب، عن “الآب”، لأنه قد رفضه في قلبه. وفي نفس الوقت، يمزق قلبه، أن جاز التعبير، وينفصل عن ما هو “من الآب”. ويبقى فيه ما هو “من العالم”» (التعليم المسيحي، 30 نيسان/أبريل 1980).

وبالتالي فإن الشهوة، التي تنشأ من تلقاء نفسها في قلب البشر، هي نتيجة للخطيئة وتسبب الخطيئة. وإذا تمكنت الشهوة من الإنسان، يصبح عبداً للأنانية، وتدمر استعداده للمحبة. وبالتالي، شرط أساسي للنضوج إلى المحبة هو قهر كل رغبة جامحة في قلوبنا. يمكننا هذا عن طريق واحد إلا وهو أن نعهد بأنفسنا للمسيح كل يوم، والاستسلام الكامل له وأن نجعل سلوكنا يتماشى مع الاحتياجات التي تطلبها محبته. عندها فقط، يمكن ليسوع أن يحرر قلوب البشر من كل الشهوات ويضمد جروحها من الشرور.

حركة القلوب النقية

لا توجد حالة ميؤوس منها، لأولئك الذين، مع كل ما لديهم من نقاط ضعف وجروح وخطايا وإدمان، يضعون ثقتهم كالأطفال في يسوع يوميا، ويعيشون وفقا لاحتياجات محبته. هذه هي الطريقة التي يشكل بها يسوع مجتمع حركة القلوب النقية. إنه يدعوك أنت أيضاً للانضمام إليها. فلا تخف من القيام بهذه التجربة المثيرة غير العادية من النمو في المحبة والحصول على نعمة القلب النقي. للانضمام إلى صفوف هذه المجموعة الروحية العظيمة «حركة القلوب النقية» تقدم أولاً إلى سر التوبة، وبعد الاعتراف الكامل تقبل يسوع في سر القربان المقدس واعهد إليه (كلَّ) نفسك في صلاة التكريس:

«أيها الرَّبّ يسوع، أشكرك لأنك أحببتني محبة لامحدودة ، التي تحمي من الشر، وتنتشل من أكبر عثرة وتشفي الجروح الأكثر إيلاما. أقدم لكم ذاكرتي وذهني وروحي وجسدي وجنسانيته. أتعهد بعدم الانخراط في أعمال جنسية حتى أتحد مع زوجتي في سر الزواج المقدس. أتعهد بعدم شراء أو قراءة أو مشاهدة المواد الإباحية. (هنا، قد ترغب الفتيات لإضافة: أتعهد بأن أرتدي ملابس محتشمة، وبأي حال من الأحوال أتعهد بعدم إثارة الآخرين بالأفكار الشهوانية أو أي رغبة). أتعهد بمقابلتك كل يوم في الصلاة وقراءة الكتاب المقدّس وتناول القربان المقدس المتكرر، وعبادة القربان المقدس. وأتعهد أيضا أن أتقدم بانتظام من سر التوبة وعدم الاستسلام إلى الإحباط، وأن أقوم فورا في كل مرة أقع فيها في الخطيئة. أيها الرَّبّ يسوع، علمني ممارسة الانضباط الذاتي والسيطرة على مشاعري ورغباتي الجنسية. أسألك الشجاعة في السير في الاتجاه المعاكس يوميا، حتى أتجنب المخدرات، وكل ما يستعبد إرادتي، وقبل كل شيء النيكوتين، والكحول. علمني أن تكون المحبة هي أهم شيء في حياتي.

يا قدّيسة مريم، يا أمي، أرشديني إلى طرق الأيمان الذي يقودني إلى مصدر المحبة، ليسوع. متمثلاً بالقدّيس يوحنا بولس الثاني، أشتهي أن أعهد نفسي لكِ تماما “كلي لك يا مريم”. في قلبك الطاهر، أقدم نفسي كاملة، كلي كما أنا، في كل خطواتي، في كل لحظة من حياتي. أيتها الطوباوية كارولينا، توسلي لي نعمة القلب النقي. آمين».

يجب عليك تلاوة هذه الصلاة في كل صباح. وبهذه الطريقة سوف تتذكر الوعود التي التزمت بها أمام حركة القلوب النقية وتضعها موضع التنفيذ. لا تستسلم أبدا إلى الإحباط، وعندما تسقط في الخطيئة قم وتُبْ. تقدم لسر الاعتراف، حتى تكون دائما في حالة من نعمة التقديس. يجب عليك كذلك بالضرورة ترتيب يومك بحيث يكون لديك وقت محدد للصلاة والعمل والترفيه والراحة. تذكر، أن حالة الفوضى يسر بها الشيطان، لأنها تسهل من عمله في ضلال النفوس، لذلك، ضع خطة يومية وتشبث بتنفيذها. الانضباط الذاتي والمثابرة ضرورية للغاية. بدون تدريب النفس من المستحيل أن تعيش بالإيمان اليومي أو أن تنضج في المحبة. قوّم نفسك باستمرار وخاصة في مقاومة رغباتك الأنانية و«اِمْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرٍّ» (1 تس 5: 22). لا تستسلم للتغيّر في المزاج والمشاعر. كل الأشياء القيمة والكبيرة تتحقق من خلال العمل الجاد والجهد وإنكار الذات. تذكر أيضا قراءة مجلة أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً فهي جزء مهم جدا من تشكيل حركة القلوب النقية.

ابلغ أسرة التحرير عن هذا الخبر المهم جداً ألا وهو انضمامك إلى حركة القلوب النقية. أرسِلْ لنا تفاصيلك الخاصة (الاسم الأول والثاني، العنوان، تاريخ الميلاد، تاريخ الانضمام إلى حركة القلوب النقية) حتى يتسنى لنا تسجيلك في قائمة القلوب النقية وتزويدك بالمطبوعات الإرشادية والبركات الخاصة. إنها رغبة يسوع أن تكتب وترسل لنا شهاداتك، لتشارك الآخرين كنز الإيمان.

فلنتذكر كل منا الآخر في صلواتنا اليومية، وخصوصاً المسبحة الوردية المقدسة ومسبحة الرحمة الإلهية.

أبارككم جميعا من القلب!

الأب ميتشيسواف بيوتروفسكي (رهبنة المسيح) وأسرة التحرير

Wybrane dla Ciebie

spot_img

Święty ojciec Szarbel Machluf został patronem fundacji na mocy dekretu opata zakonu oraz przeora Sanktuarium św. Szarbela (klasztor św. Marona w Annai) z dnia 28 maja 2019 r.

spot_img
- Komunikaty -spot_img
- Zamów online przez nasz formularz - spot_img
- Modlimy się za Ciebie! -spot_img
- Wesprzyj nas -spot_img

Wiadomości