دائمًا ما يسعى الجميع إلى التمتع بالصحة الجيدة ويرغب الكل في الثروة والشباب. عندما خلق الله الإنسان أعطاه الصحة والقوة والسعادة، ولمَّا رغب الإنسان في معرفة ليس فقط الخير بل الشر أيضًا، دخل إلى عالم الخطيئة وما تبعه من المرض والألم والشقاء والموت.
قد يبدو للإنسان، في أحيان ما، أن هناك وسيلة لتجنب المعاناة والمرض، بينما هو في الحقيقة يعمق حالة الخطيئة التي يعيش فيها بل ويكسر الوصية الأولى: «لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» (خر 20: 3).
لا يمكن لأحد أن يشك في أن الله يحب الإنسان حبًا حقيقيًا، بدليل أن يسوع المسيح صار إنسانًا مثلنا، وعانى من آلام الموت الرهيب من أجل خطايانا. ومن ناحية أخرى، من غير المعقول أن نتوقع أن الله سوف “يمنع” أي معاناة في هذا العالم. فكل معاناة هي نتيجة للخطيئة الأصلية، وكذلك خطايانا الشخصية. ولأن الله يحترم حريتنا، فهو يسمح لنا باتخاذ قرارنا بحرية: أنقبل السيّد المسيح، واثقين به في حياتنا – مع كل ما نعيشه من ألم وشقاء وموت – أنه يحررنا من كل ألم ومعاناة في ساعة موتنا، ويعطينا فرح وبهجة الحياة الأبدية. أو أن نرفضه ونستمر في عبودية الخطيئة، وبالتالي نجرب معاناة الموت الأبدي التي لا يمكن تصورها.
الوسيلة الإلهيَّة ضد المرض والألم
من الحقائق الدامغة التي لا يمكن إنكارها أن الله يستطيع شفاء المرض بطريقة عجائبية. هناك شهادات دامغة على هذا في الكتاب المقدَّس (ما لم ينكرها أحد، بكل بساطة، متمردًا). وبالإضافة إلى ذلك، فقد حدثت حالات الشفاء العجيبة مرات ومرات لاحقة. وأذكر هنا فقط مثالين هما الأكثر إثارة: الحالة الأولى كانت في إسبانيا عام 1640، عندما نمت ساق ميغيل خوان بدلاً من الساق التي بترت قبل ذلك بعامين. والثانية هي معجزة شفاء غلوريا بولو من كولومبيا، والتي ضربتها الصاعقة عام 1995 وكادت أن تموت، فموتها كان مؤكدًا طبيًا، إِلاَّ أنها استعادت صحتها كاملة، بل وأنجبت طفلاً سليمًا.
ومع ذلك، يمكننا الاقتناع، ولمرات عديدة، أن شفاء الجسد من المرض ليس هو هدف عمل الله الرئيس، لكن الهدف الرئيس هو شفاء الروح من المرض. إذ أن أرواحنا تمرض مع الخطيئة، وتمسكنا بالخطيئة هي المشكلة الحقيقية. لذلك، فعندما شفى يسوع المسيح المفلوج قال له قبل كل شيء: «ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ» (مت 9: 2). هذا الإنسان وثق بالسيّد المسيح، اختبر نعمة مغفرة الخطايا وكان شفائه من العجز البدني ما هو إِلاَّ علامة دخوله حياة جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، يريد الله أن يكون المرض والألم فرصة للبشر لإظهار الشفقة والرَّحمة والتعبير عن الحب بعضهم لبعض. يعلمنا القدّيس بولس الرسول: «اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ» (غل 6: 2). أي شخص يجلب الراحة والإغاثة للمحتاجين هو محبوب عند الله. ويضع الله أيضًا في البعض المعرفة والمهارات الكافية، فيعمل من خلال أيدي الأطباء. «في بَعضِ الأَحوالِ تَكون العافِيَة في أَيديهم فهم أَيضًا يَتَضَرَّعونَ إِلى الرَّبِّ أَن يُنجِحَ عَمَلَهم على الرَّاحَةِ والشفاءَ مِن أَجلِ إِنْقاذِ الحَياة» (سي 38: 13-14).
لا يمكن للطبيب أن يأخذ مكان الله
يحتوي الكتاب المقدَّس على تحذيرات متعلقة بالعلاج من الأمراض. نقرأ في سفر أخبار الأيام الثاني (16: 7-10) عن الملك آسَا، الذي لم يلتف إلى توبيخ الله، وألقي بحَنَانِي النبي في السجن. وعندما أبتلي هذا الملك بالمرض، أتيحت له الفرصة للتفكير في نفسه والتوبة إلى الله، لكنه «فِي مَرَضِهِ أَيْضًا لَمْ يَطْلُبِ الرَّبَّ بَلِ الأَطِبَّاءَ» (16: 12). وما الفائدة منهم، فقد دفنوه في قبره ووضعوه في سرير مملوء بالأطياب ومختلف أنواع العطور المصنوعة «حَسَبَ صِنَاعَةِ الْعِطَارَة»، إذا كان الملك بالفعل قد مات، وليس من المستطاع استعادة حياته؟ للأسف، مشكلة الألم والخطيئة والتمرد على الله لن تحلها أية تقنيات أو مستحضرات طبية.
ومما هو أكثر من ذلك، فقد كانت هناك دائمًا ولا تزال طرق للعلاج تشير إلى عادات وممارسات وثنية، وحتى طقوس شيطانية، ليس لها أي علاقة مع الله. فمن الصعب أن نتوقع أن الله يعمل من خلال يد الطبيب الذي يكسر علنًا وصية «لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» (خر 20: 3).
لنأخذ على سبيل المثال الطب الصيني، فقد صار مؤخرًا مألوفًا كطريقة قديمة لتحقق الانسجام الداخلي من خلال الحفاظ على توازن الطاقة. فلسفة الطب الصيني هذه، تعتمد كلها على أفكار عقائدية شيطانية، مفادها أن العالم كله يتكون من طاقتين متضادتين – النور والظلمة (بالصينية اليين واليانغ)، واتحادهما معًا أدى إلى خلق الكون. ووفقًا لهذه الافتراضية فهناك فلسفة أنماط الطاقة الست، والتحولات الخمس، والعناصر الخمسة، وأشياء أخرى كثيرة من شأنها أن تؤثر على صحة الإنسان ومرضه. بالطبع، لا يوجد مكان للإله (ناهيك عن يسوع المسيح وآلامه الفادية الشافية). لبناء انسجام وتوازن هذه الطاقات والحركات مع بعضها البعض، يكفي فقط الأخذ بعين الاعتبار جميع أنواع «العوامل الفلكية» والسحر والبيئية والمجتمع.. إلخ، وبالتالي فإن الحالة «صحية». وبالتأكيد فإن أساليب العلاج والوقاية في الطب الصيني تتطلب (على الأقل من الطبيب) تبني هذه النظرة، التي يتم فيها تزوير الحقيقة الأساسية عن الله لتأخذ الطاقة مكانه.
وهاهي الحقيقة: «إنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ» (1 يو 1: 5) – والظلام هو غياب النور، والخطيئة هي تدمير ما خلقه الله حسن. تحاول الأديان الوثنية إقناعنا، على النقيض، بأن الظلام يساوي النور بل يتخلله. ولكن يعارض الله هذا المفهوم: «أَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟» (1 كو 6: 14). المسيح هو النور، والظلمة لم تدركه (يو 1: 5)، هذا النور الذي يبدد الظلام، ويعطي الناس نور الحياة. إذا رفض شخص ما هذه الحقيقة الموحى بها، فسيبدأ في تصديق الكذب – والكذب يأتي دائمًا من الشيطان، الذي «لَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ» (يو 8: 44).
بناء على ذلك، إذا كان الشفاء لا يأتي من عند الله، فمن الممكن جدًا أن يكون مرتبطًا بالقوات أو الكائنات الروحية الشريرة التي تدمر فينا عمل الخلاص.
خطر الطب البديل
يحذرنا الكتاب المقدَّس: «أَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ!» (2 كو 11: 14). عندما يتوقع الإنسان ظواهر خارقة للطبيعة فإن الشيطان يبدأ في العمل بكل سرور. يتحدث القدّيس بولس الرسول بشكل واضح جدًا في 1كو 10: 19-20: «أَإِنَّ الْوَثَنَ شَيْءٌ، أَوْ إِنَّ مَا ذُبحَ لِلْوَثَنِ شَيْءٌ؟ بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ الأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ، لاَ ِللهِ. فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ شُرَكَاءَ الشَّيَاطِينِ». ليس الوثن شيء والممارسات الوثنية شيء – إِلاَّ أن شيطان قادر على خداع الإنسان بمظاهر الشفاء ليصرفه عن الله.
المعالجة المثلية (homeopathy) وفقًا لمبتكريها يصل مفعولها إلى النفس والروح، إي إلى منطقة محظورة لله فقط. لست أنا الوحيد الذي يشك في عدم وجود أي تفسير علمي لفعالية المعالجة المثلية. فموقف فريق من الخبراء البولنديين من المجلس الأعلى للصحة، الذي تم توثيقه في 4 نيسان/أبريل 2008، هو كالتالي: «مع مراعاة الحالة الراهنة للمعرفة حول الافتراضات والفعالية والأمان والآثار المترتبة على ممارسة المعالجة المثلية، نقر على أن هذا الأسلوب في العلاج لا يلبي متطلبات الأساليب المستخدمة في الطب الحديث، وأن مبادئها غير متوافقة مع المعرفة الطبية الحالية». تحتوي حيثيات هذه الوثيقة على 15 ادعاء خطير، تتحدي جميعها الافتراضات الأساسية للمعالجة المثلية. ويشدد فريق الخبراء على جميع الأطباء: «عدم استخدام هذه الأساليب. ومن واجب الأطباء إعلام المرضى الذين يطالبون باستخدام منتجات المعالجة المثلية وبكل وضوح بافتقارها إلى الكفاءة العلاجية». هكذا يقول العلم.
فإذا كانت الكفاءة العلاجية للمعالجة المثلية – من وجهة نظر الطب الحديث – بدون قيمة، فإن من وجهة نظر المخاطر الروحية فهي واضحة وجلية: المعالجة المثلية تعمل فقط من خلال حقيقة أن القوى الشيطانية تنتحل صفة أي طاقة يعتقد فيها الإنسان أو يثق بها. أتريد – إذن ضع ثقتك في المعالجة المثلية، وأغلق نفسك وروحك عن عمل الله. فقط تذكر أنه لا مبتكري المعالجة المثلية ولا أنصارها سيقدمون حياتهم بدلاً عنك، كما فعل يسوع بمحبَّته لك. فكر، من هو الجدير بالثقة…
الأمر نفسه ينطبق على العلاج بالطاقة الحيوية. فآلية عملها تنجيمية غامضة، لأنها تنطوي على الشفاء من «الأرواح الشريرة»، أما تسميتها «بالطاقة» فهو لمجرد التمويه. في شهادة الأب جوزيف ماري فرلند، الذي كان يمارس العلاج بالطاقة الحيوية، في كتابه «الله أنقذني» يقول أن هذه الأساليب تقوم على تحقيق علاقة نفسية سلبية يستخدمها الشيطان ليتفاعل مع المريض. كان الأب فرلند تلميذًا مخلصًا لواحد من الغورو الهندوس لسنوات عديدة وحقق درجة عالية من المهارات العلاجية السرية. وسقط تحت استعباد التأثيرات الشيطانية، وقد استطاع التخلص منها بعد تسع سنوات من توبته ورجوعه إلى الله. وحينها تبين أنه فقد تمامًا القدرة على «العلاج» بالطاقة الحيوية.
أيضًا، قد يكون التنويم المغناطيسي خطرًا على الإنسان، والذي يستخدم غالبًا في «العلاج». المشكلة مع التنويم المغناطيسي هو أنه يعمل على العقل الباطن، أي يتغور في العنصر الروحي للأنا. «أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً: الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ؟» (يع 4: 5). أرضينا بهذا أم لا، إن نفوسنا وأرواحنا هي مناطق مخصصة حصرًا لله.
أحيانًا ما نسمع أن ممارسة اليوغا مفيدة للحفاظ على صحة جيدة. للأسف، فقد اخترع اليوغيون أنظمتها أيضًا على أساس فلسفة وثنية تزيل شخص الله وتحل محله وثن الطاقة. أخشى ما أخشاه أنه ليس من قبيل المصادفة أن الطاقة التي تُوقظ في الإنسان وتؤدي به للاتحاد مع الكون، تحمل في اليوغا اسم «الحية».
لا تنخدع
منذ بداية البشرية تحاول «الحيّة القديمة» المدعوّ إبليس والشّيطان خداع وتدمير الجنس البشري. فإن كراهيتها للإنسان تدفعها إلى أسوأ الفظائع باستخدام الأكاذيب والأوهام بالصحة والسعادة والفرح والتي لا يمكن في الواقع أن تتحقق بدون الله. فإذا غررت بها، فأنك تتحرك دائمًا بعيدًا عن الله، وبالتالي تدين نفسك وتحكم عليها بالعذاب الأبدي.
الرَّب يسوع المسيح على العكس من ذلك: فبمحبَّته لنا يريحنا من ثقل خطايانا وآلامنا. لذلك دعونا نختار هذا الذي تألم من أجلنا، الذي أنتصر على الشيطان والذي لديه السلطة والسلطان أن يعطينا الحياة الأبدية. نقدم له آلامنا وبصليبه نشترك في الخلاص.
ميروسواف روتسكي